الأصدقاء الثلاثة
(ترجمها المؤلّف لتلاميذه في الصفّ الخامس)
عليك ألّا تثق بإخلاص أصدقائك قبل أن تمتحنهم؛ فإنّ الكثيرين منهم يُلبُّون دعوتك إيّاهم إلى الموائد والولائم، ولكنَّ القليل منهم مَنْ يرافقونك إلى أبواب السجون، وإليك البرهان على ذلك!
يُحكى أنّه كان لرجل ثلاثة أصدقاء وكان مغاليًا في محبّته لاثنين منهما إلّا أنّه لم يكن ليبالي بالثالث.
وفي أحد الأيام اتُّهم الرجل باقتراف جريمة لم يقترفها، فدُعِيَ إلى دار القضاء لِيُصَار إلى محاكمته. وقَبْلَ المثول أمام القاضي قصد أصدقاءه يستنجدهم وقال لهم: إنّ الادّعاء سيحاول بكلّ ما استطاع أن يلصق بي ذلك الجرم، وقد سخط عليّ الملك بسبب تلك التُّهمة، فمن منكم يرافقني غدًا ليشهد ببراءتي ويُنقذني من ظلمٍ قد يحلُّ بي؟
فاعتذر صديقه الأوّل عن مرافقته مُدّعيًا أن أشغالًا مهمّة لا تسمح له بالحضور.
وسار صديقه الثاني معه حتّى وصل إلى باب المحكمة، فوقف هناك وأحجم عن الدخول، ثم قفل راجعًا إلى بيته لأنّه خاف من غضب قد يبادهه به القاضي.
أمّا الثالث الذي لم يعتمد عليه ولم يعقد عليه أملا ولم يثق بإخلاصه فقد كان جريئًا، ورافقه إلى مجلس القضاء، ودافع عنه دفاعًا مجيدًا، وشهد ببراءَته عن اقتناع وإيمان، حتّى أنّ القاضي لم يكتفِ ببراءته فقط بل أغدق عليه الهدايا.
وللإنسان في هذه الدنيا ثلاثة أصدقاء! تعرفون موقفهم منه إذا أزفّت ساعة موته ودعاه ربّه إلى محكمته العالية.
إنّ الصديق الأوّل الذي لا يعد له في حبّه أحد، هو أولّ من يتخلّى عنه ويتركه. وهذا الصديق هو المال.
والصديق الثاني هو أقاربه وأصحابه، يرافقونه إلى باب القبر حيث يوارونه الثرى، ثمّ يقفلون راجعين إلى بيوتهم.
وأمّا صديقه الثالث الذي كثيرًا ما كان ينساه ولا يبالي به، فإنّه وحده يرافقه إلى عرش القاضي الأعلى، وهذا الصديق هو العمل الصالح ذلك الذي يسير أمامه ليدافع عنه أمام الحاكم العالي، ويساعده على نوال المغفرة والرحمة ومحو الذنوب.
مترجمة